حوار عن خنادق العذراوات اليوم في جرنان التحرير "وجدى الكومى" صاحب «خنادق العذراوات»: تعاطفتُ مع أبطالى


- مهند الصباغ
نشر: 15/2/2014 8:29 م – تحديث 15/2/2014 8:29 م
العائد من الكتابة الإبداعية فى العالم العربى ضعيف جدًّا لذلك يلجأ الكاتب إلى مهنة أخرى
فى روايته الجديدة «خنادق العذراوات»، يحكى الروائى وجدى الكومى عن مصر المنهوبة، وتزييف تاريخها، من خلال مصنع البيرة الموجود بمنطقة بين السرايات، الذى تمت خصخصته فى ظروف صعبة مرت بها مصر، قبل سنوات من قيام ثورة يناير.
الروائى وجدى الكومى الذى صدر له عدد من الأعمال، منها رواية «الموت يشربها سادة»، والمجموعة القصصية «سبع محاولات للقفز فوق السور»، يتحدث فى حواره، عن روايته الصادرة حديثًا عن دار «الساقى»، وسبب اختياره مصنع البيرة بالتحديد، وتأثير الثورة عليه خلال كتابته الرواية.
■ صدور روايتك بعد فترة قصيرة من صدور مجموعتك القصصية.. هل ترى أنه أثّر سلبًا على قراءة الرواية؟
- صدور أى كتاب فى حد ذاته حدث مهم، لا يمكن لأى كاتب أن يتدخل فيه، أو يفكر فى تأجيله، وكان من المفترض أن تصدر المجموعة القصصية «سبع محاولات للقفز فوق السور» عن دار «الشروق» قبل موعد الصدور بعدة أشهر، إلا أن وجود مقر دار الشروق بقلب اعتصام رابعة العدوية تسبب فى تأجيل النشر، وجاء الموعد متقاربًا مع موعد نشر رواية «خنادق العذراوات» الصادرة عن دار الساقى.
■ كنت أعلم قبل قراءة الرواية أنها تتناول خصخصة مصنع البيرة، إلا أن هذا الجزء ظهر متأخرًا جدًّا بالرواية؟!
- لا يمكن التعامل مع الرواية على أنها موضوع صحفى، وأن على الكاتب أن يقدم فكرة الرواية فى الفصل الأول، كما أن التيمة الأساسية فى الرواية ليست خصخصة مصنع البيرة، بل إن «خنادق العذراوات» عالم متكامل يحكى عن أشياء أخرى كثيرة، وعمومًا هناك مقدمات تؤدى إلى نتائج، الرواية تدور أحداثها عن نهب مصر، ومصنع البيرة وأشياء أخرى، فلا يمكن أن أكتب عن مصنع البيرة وأجرده من أحداث أخرى جرت بالتوازى معه.
■ وبمناسبة الصحافة، هل ترى أن عملك بالصحافة أثر على كتابتك الأدبية؟
- أى إنسان يزاول مهنتين، لا بد لإحداهما أن تؤثر على الأخرى، والكتابة فى النهاية مهنة، تحتاج إلى كثير من الوقت والجهد، وأيضًا تحتاج إلى عائد، وبما أن العائد فى الوطن العربى من الكتابة ضعيف جدًّا، فأغلب الكتاب يمتهنون مهنًا أخرى بجانب الكتابة، وبالتأكيد تؤثر هذه المهن على المهنة الأساسية.
■ ديستوفيسكى كان يحب أبطال رواياته، وكذلك محفوظ فى رواية كالقاهرة الجديدة.. فهل ترى أنك كنت متعاطفًا أيضًا مع مراد.. أو لا ترغب فى أن يظهر بشكل سيئ رغم كل أفعاله؟
- فى الرواية، عدد من الأبطال تعلقت بهم كثيرًا، نادية أكثرهم، وأيضًا مراد، وقد يكون السبب هو ما بيننا من تشابهات، فقد التحقنا بالجامعة فى نفس السنة، أما نادية أكثر شخصية أحبها، فنادية نموذج لأشياء كثيرة، فهى «بنت البلد»، وقد تكون هى البلد ذاتها، وهى أيضًا المرأة الحانية رغم ممارستها عملًا ينتمى إلى العالم السفلى، لكن واجبى ككاتب أن أصف الشخصيات بدقة، حتى تظهر الشخصية بكل ملامحها، ويستطيع القارئ فهم الجوانب المختلفة لجميع الشخصيات.
■ وهل ترى أن جزءًا من سيرتك الذاتية تسرب إلى الرواية؟
- واثق بأن كل كاتب يضع جزءًا منه داخل نصوصه الأدبية، لكن هل الرواية كلها سيرتى الذاتية بالتأكيد لا، بعض التجارب تمنيت أن أعيشها لكن هذا لم يحدث، وأنا أوزع جزءًا من روحى فى كل عمل من أعمالى، إلا أنى شعرت بأن «خنادق العذراوات» بها كل روحى.
■ فى الرواية ذكرت كثيرًا من التفاصيل عن علاقة مراد بنادية، ولا علاقة لها بخصخصة مصنع البيرة؟
- علاقة مراد بنادية هى قاعدة الأحداث، وتفاصيلها هامة، حتى يتقبل القارئ كل الأحداث التالية لهذه التفاصيل الواردة بالرواية، والعلاقة بينهما هى العمود الفقرى لجميع أحداث الرواية. ولا أرى أنى أسهبت على الإطلاق، بل أرى نفسى وضعت التفاصيل الأساسية التى قامت عليها الرواية.
■ كتبت عن استبعاد عمر سليمان وخيرت الشاطر من الترشح للرئاسة.. هل كتبت هذه الجزئية لتدلل على وقت وقوع الأحداث التى تكتب عنها؟ أم لسبب آخر؟
- لا يوجد سبب آخر، كتبت فى البداية، ورميت عددًا من الخيوط، ومن ضمن هذه الخيوط، الزمن، حتى يفهم القارئ الفترة الزمنية التى كتبت فيها أحداث الرواية.
■ اتهمت فى الرواية المؤرخين بتزييف الحقائق، ويأتى التاريخ البديل على لسان عاهرة.. ألا ترى هذا مفارقة غير منطقية؟
- فى التاريخ الرسمى هناك فجوات كثيرة، الدولة اعتادت أن تنشر ما ترغب فى نشره، وتحجب أجزاءً أخرى، وتأتى هذه الأجزاء على لسان العامة، وهذا أمر طبيعى فى غياب للحقيقة الكاملة.
وأبرز مثال على هذا الأمر، أنى عندما قمت بزيارة مصنع البيرة الموجود بمنطقة بين السرايات، سمعت كثيرًا من الأساطير يتداولها الناس، أما الحقيقة الوحيدة عن المصنع فهى دراسة لعالم ألمانى كتبها عن المصنع.
■ كثير من المصانع والشركات خصخصت قبل الثورة.. لماذا اخترت مصنع البيرة بالتحديد للكتابة عنه؟
- لم أبحث عن منشأة تم خصخصتها، لأن هناك مصانع أهم كعمر أفندى، لكنى كنت أبحث عن تيمة مسألة التاريخ ونقضه، والهجوم على التاريخ الرسمى، ومحاولة إعادة كتابة المنقوص منه.
جزء آخر من كتابتى عن مصنع البيرة هو تأثرى به خلال فترة الجامعة، فبعد أول عام لى بالجامعة كان المصنع مر عليه 100 عام، ثم تمت خصخصته، وشعرت أن هذا المصنع جزء مصغر لمصر بكل ما يحدث فيها.
■ تعرف مراد على نادية، وانقطاع علاقة مراد بإبراهيم فى فترة الجامعة.. ألا ترى أنها جاءت بشكل درامى به مبالغات تشبه كثيرًا الأفلام العربية القديمة؟
- لا أتفق معك فى هذا، لأنه كان من الطبيعى أن يتعرف طالب جامعى على امرأة بهذه الطريقة، قد ترى هذه الطريقة غريبة ودرامية لأنه مر عليها 15 عامًا، لكن وقتها كانت هذه العلاقة تحدث كثيرًا، فلا يمكن محاكمة بمعايير هذا الزمن علاقة قامت من سنوات.
■ ومن مصدر معلوماتك عن مصنع البيرة؟
- فى بداية البحث عن مصنع البيرة، فوجئت أن مصر لها تاريخ طويل فى صناعة المشروبات الكحولية، واكتشفت أن كبار رجال الأعمال اليونانيين اشتركوا فى هذه الصناعة، وأيضًا كوتسيكا، الذى لا نعرف عنه سوى أن هناك محطة مترو تحمل اسمه.
كما قرأت كتابات لسمير أمين يتناول فيها خصخصة المصانع المختلفة، ومن بينها مصنع البيرة، وذهبت لجهاز التنسيق الحضارى لأعرف حكاية المصنع منذ بدايته، إلا أنى لم أكتب كل المعلومات التاريخية التى حصلت عليها، حتى لا أثقل الرواية بهذه المعلومات.
■ بدأت فى كتابة الرواية منذ عام 2010.. فهل أثر قيام الثورة على كتابتك للرواية؟
- أثرت بكل تأكيد، حتى إننى عندما بدأت الكتابة تخيلت الرواية لن تتطرق إلى الواقع، لكن قيام الثورة بشكل عرضى اضطرنى للكتابة عن الواقع، واكتشفت أنى أكتب فى موضوع تسبب فى قيام الثورة، ضمن مجموعة كبيرة من الأسباب دفعت لخروج الناس يوم 25 يناير، لكن لم أقم بتغيير كبير فى الرواية، لأن قضيتى ليست الكتابة عن الاعتصام الكبير الذى حدث فى ميدان التحرير.
■ ولماذا اخترت أن تنتهى الرواية بقيام ثورة يناير؟
- هناك مفارقة أردت إبرازها فى نهاية الرواية، أن نادية التى تسببت فى نهب المصنع، ما زالت موجودة، وبطل الرواية ما زال يبحث عنها، كما كان عمر سليمان يطرح نفسه بعد الثورة، رغم أنه كان أحد أهم أركان النظام الذى ثار ضده 
المصريون فى 25 يناير، وكأن الثورة لم تقم بعد.

Comments