فصل من روايتي الأحدث "النسوة اللاتي..."



"هنا الطريق إلى مدينة العذاب، هنا الطريق إلى الألم الأبدي،

هنا الطريق إلى القوم الهالكين".

(الأنشودة الثالثة)

الجحيم

دانتي إليجيري

تدور أحداث هذه الرواية في بلد المحيط.

 يقع هذا البلد بين خطي طول 10 و17 غرب خط جرينتش، وخطي عرض 20 و30 شمال خط الإستواء.

يطل على المحيط من جهة الشمال بسواحل تصل إلى ألف كيلومتر، ويحيطه الصحاري من كل مكان، وفي قلبه نهر كان عذب الماء، ثم لم يلبث أن يبس، وتبقى منه ملح وقصدير.

أما حاضرته فهي مدينة واحدة، صارت عاصمتها بعد الاستقلال عن الاحتلال، وانسحاب الغزاة يائسين قانطين من العثور على أي موارد تصلح للاستثمار، أو حتى استخدام مواطنيها في الخدمة أو الاستعباد.

ومنذ نيله هذا الاستقلال القانط توالى على حكمه رؤساء من أهلها، لم يحاول أيٌّ منهم إنشاء مدن جديدة لشعبه، فظلوا يعيشون في العاصمة نفسها واستثمروا صحاريها لنفي المعارضين يرسلونهم إليها للعمل مدى الحياة في مزارع أراضيها مقفرة، وتربتها صخرية لا أمل من استصلاحها.

 

"جلاب المصائب".

هكذا وصفتني نسوة بلد المحيط، إذ ترافق وصولي إلى هنا مع ما حدث، والتصق هذا الاسم بي، لكن اسمي الحقيقي هو "جون".

غريبٌ أن أكون بحاجة لتعريف نفسي بهذه الطريقة. طريقة فرضتها ما آلت إليه ظروف وجودي هنا في هذه المدينة، وبواباتها الحصينة، التي كان يصفّها مؤرخوها بأنها منزل المُلك، ودار الإمارة للكثير من الطغاة والمستبدين.

كنت أعمل موظفاً في اﻷمم المتحدة، في إدارة اﻻستشعارات المبكرة والإنذار اﻷوليّ، المختصة بدراسة الظواهر العجيبة، التي قد تتسبب في تفشي أوبئة، أو أمراض مستعصية، أو طواعين بشعة في بلد من البلاد، وما يلزم من إجراءات للحد منها، وحصارها في بلد المنشأ.

جئت لهذا البلد المطل على المحيط، للتنقيب عن قصة حب. ويا للعجب، إذ أخبرني رؤسائي أن أهله كانوا دائماً ينفرون من الحب ومناسباته، وعيده العالمي، ولم تشهد بلدهم ذيوع علاقة قائمة على الحب، بل إنهم اعتادوا عقد الزيجات بتشجيع من الحكومة لإنجاب الأطفال المطلوب إرسالهم إلى المصانع فور بلوغهم العاشرة، أو إلى الصحاري التي تعانق مدينتهم من كل جانب عدا الشمال لاستصلاحها.

فور أن سمعت تفاصيل المهمة العجيبة، ارتعش بدني، وضقت ذرعاً بما أنا مقبل عليه، على الرغم من أن عملي في تلك اﻹدارة يفرض علينا أن نتعامل مع القضايا العجيبة والمثيرة، كأن نبحث مثلاً في مدى دقة النظرية التي تزعم أن إنسان النياندرتال لم يزل حياً بيننا، لكن حتى البحث في مثل هذه الأمور لم يرقَ لصعوبة البحث عن قصة حب نادرة في بلد لم يعرف أهله الحب يوماً.

حين أجبرني رؤسائي على المجيء هنا، سألتهم لماذا تهتمون بهذا البلد المنبوذ الواقع على المحيط، وتحاصره الصحراء من كل الجهات، فقالوا ﻷن العقم ضرب رجالها منذ فترة، وربما يكون الحب علاجاً نافعاً، ونرغب أن نكون أول من يحضر لحظة الشفاء إذا تمّت.

ماطلت في قبول الرحلة، حاولت التهرب بذارئع شتى، خشيت مما يقال عن قسوة أهلها، وبؤسهم، لم أكن مهتماً بأخبارهم قبل ذلك، ولكن حين كُلّفت بالمهمة قرأت ما تعرّض له الباحث السويسري، فتأكد يقيني واكتشفت أن هواجسي لها أساس.

كانت الصحف قد تداولت ما جرى له، إذ كان يحاول الاتصال بإحدى الصحفيات المحليات، من أجل تدقيق قصة عن ملوحة نهر البلد، الذي يجري في أرضها ويصب في المحيط الذي يحدها من الشمال. اختفى السويسري عشرين يوماً، قبل أن يعثر محققون من بلده على جثته مسجاة على طريق خارج عاصمة البلاد ومدينتها الوحيدة، ووجهه مشوّه بالكدمات وآثار الضرب، والتعذيب.

قطعاً هذه القصص تصيب كل أجنبي بالهلع، وتجعله ينفر من قبول أي مهمة بحثية هناك، فما بالك بتكليف يرغب رؤسائي عبره أن يدققوا في قصة حب مزعومة!

حدد لي رؤسائي أن بداية المهمة ستكون بالتردد على سيدة معمّرة، تمتلك حكمة بالغة، ويجلّها قومها كثيراً، إذ يعتبرونها معجزة خالصة، نظراً ﻷنها فاتنة صبوح، رغم عمرها الذي تخطى المئة.

انتابني الفضول لمقابلة هذه السيدة، قبلت المهمة، على الرغم من كل المخاوف. حين وصلت توجهت إلى أحد فنادق المدينة، فاستقبلني موظفوها بوجوه مطفأة، مسامها مسممة بذرات الحزن والكآبة. شربت الشاي الأحمر في مقاهيها، وتناولت الطعام الساخن البسيط المكوّن من الفول والبقسماط والجبن القريش في مطاعمها الفقيرة.

حينما تخلو مدينة من براءة الأطفال، تسيطر عليها الأرواح الخبيثة وتغتال روحها، وتستشري في جنباتها الشراسة والدمامة. بات استكشاف أسباب ذلك العقم من نصيبي. ما لم يخبرني به الرؤساء في إدارة اﻻستشعارات المبكرة أنه حينما اتسعت في البلاد الكراهية وانتشرت بات حرمانها من براءة الأطفال عقابها الأوحد.

مرت فترة طويلة منذ أن وضعت آخر امرأة في المدينة طفلاً. نشطت بطن الأرض في ابتلاع الناس، مقابل عزوف بطون النساء عن الحبَل، تبتلع الأرض في رحمها المغدورين، والمقتولين بالمفخخات، أو ضحايا المواجهات غير المتكافئة، تتضخم المقابر، وتزحف بما تحمله في أحشائها من مقتولين أبرياء أو مجرمين، على مناطق الأحياء.

مرت ثلاث سنوات الآن على وصولي بلد المحيط، كان الشيء الوحيد الذي يبدو أنه متحضرٌ فيها هو المطار، الآن وجدت تفسيرات عديدة للنظرات المطفأة والوجوه الكابية وحبسة الدم التي استقبلني بها الناس آنذاك، وقتئذ حاولت العودة من حيث أتيت، لكن الفرصة قد فاتت، وها أنا هنا حبيس مغامرتي التي أُجبرت عليها. السائق الذي أقلني في ذلك اليوم استغرب قدومي. أتذكر بوضوح ما قاله يومذاك: "من مدة طويلة لم أقل أحداً من المطار إلى البلد. بل العكس، رحل كثيرون. ما الذي جاء بك؟".

أكتب هذه السطور اﻵن، ولم أكن كاتباً من قبل، بل كنت أحرر التقارير القصيرة في مكتبي.

اﻵن تضخّم تقريري، وامتلأ، وتعطّل اللابتوب بعد انقطاع الكهرباء عن المدينة، فصرت أكتب بسرعة خشية أن يفوتني حدث ما، مستخدماً أي شيء أصادفه. اﻷوراق البيضاء ملأتها كلها، فانتقلت للكتابة على الكراتين البنية، وأسطح لوحات الدعاية الممزقة، التي كان يستخدمها المشردون كأردية وملابس، تقيهم البرد القارس. شهدت بنفسي انتشار أعمال السلب والنهب التي استشرت نتيجة اﻷحداث التي تلت وصولي، وما كان الناس يتصوّرنه باﻷمس مستحيل الوقوع، صار يتكرر كل يوم. لم يعد هناك مخرج، انقطعت أخبار العالم الخارجي، كأننا سقطنا في جب، أو كأن العالم ركلنا خارجه، وصار استمراري في تدوين الوقائع ملهاتي الوحيدة للنجاة، حتى بعد نفاد مداد اﻷقلام، واختراعي وسائل بدائية للكتابة، منها تجفيف الفحم بعد تكسيره وتفتيته إلى بودرة. سطوت منذ فترة على "مول" مهجور كان لم يزل به أقلام كحل في ركن الماكياج نسيها كثيرون في خضم اهتمامهم بالسطو على أشياء يسهل بيعها، أو استخدامها في التداول، والمقايضات. وجدت أقلام الكحل كنزاً، لكنني لم أجد كرّاسات، أو أوراق تنفع لمواصلة الكتابة التي صارت غايتي. لربما يقولون إن الرحّالة الأجنبي الذي جاء إلى المدينة من مكتب الأمم المتحدة هو الذي سجّل ما جرى قبل فناء البلد وأهله.

اندلعت حرب. وحينما تندلع حرب الناس وحدهم يجوعون، أما المتقاتلين، فلا يعبؤون إلا بكبريائهم. بات الوصول لرغيف، أمل ودعاء تلهج به ألسنة المتضرعين، والجوعى، فيما من عجز عن الدعاء، بات يترقب عربات الغذاء التي ترسلها اﻷمم المتحدة وتسقط في قبضات البرمجية والبلطجية، وقادة الميليشيات، لعله يظفر بفتات من بين قبضاتهم. الرغيف عزيز، وكذلك الدقيق، أما السمن والسكر والشاي، صارت أحلاماً. أُغلقت متاجر، وهُدمت صوامع، وبات الكل يردد: "أهذه هي القيامة التي حدّثونا عنها؟".

كنت أستقبل تحويلات بنكية قبل اندلاع الحرب، مدخراتي كانت تكفيني فعلاً، الدوﻻر الواحد كان يمكنني من تناول ثلاث وجبات. وطيلة فترة إقامتي نجحت في ترشيد ما أتناوله، كأنني كنت أستشعر ما أنا مقبل عليه، وحينما انقطعت اﻻتصاﻻت، وأغلقت البنوك أبوابها، انقطعت معها التحويلات، وصرت مضطراً للعمل مثل كثيرين في بناء الحصون، والمتاريس الحجرية، وغيرها من اﻷعمال الشاقة، التي كانت تقرّبني من المتقاتلين، وفي الوقت نفسه توفّر لي قوتي، لكن حتى هذه الوظيفة صارت عزيزة، وحينما شارفت الحرب على النهاية، كان ذلك بفضل نفاد الذخيرة والرصاص من أيدي الناس، ومن أيدي الميليشيا التي تملكها شركة الأدوية، إذ كفَّ كثيرون عن القتال طواعية، والبعض قرر أن يبتلع هزائمه، ويلملم ضحاياه، ويعضّ أوجاعه، بعدما لم تجد الأفواه ما تعضّه.

جاءتني العديد من الفرص لمغادرة البلاد، قبل اندلاع الحرب، ومع اشتعالها. عرفت سماسرة التهريب، الذين يهرّبون الفارّين، والنسوة الهاربات من الملاحقات، في قوارب متهالكة عبر المحيط، أو على ظهور جمال على وشك النفوق عبر الصحراء، مهربون يتعاونون مع السلطات، فيسلّمون الراغبين في الفرار إلى السجون بدلاً من إيصالهم إلى القوارب. خوفي من التسليم أقعدني، على الرغم من مصارعتي للجوع الذي ضرب معدتي وجعلها تصرخ، أو جفاف شفتاي من ندرة الماء، والعطش المذل، صرت أتلهى بالبحث وسط اﻷنقاض عما يصلح أن أدوّن على سطحه، ولا ينمحي، كانت أيادٍ شقية تبحث معي وسط الركام عن جركن ماء منسي، أو صهريج عربة ساقي لم يثقبه الرصاص، ولكن بلا جدوى، لا أنا عثرت على ما ينفعني ﻷكتب عليه، ولا اﻵخرون عثروا على ما يقيم أودهم.

في الأشهر الأخيرة من اﻷحداث التي اجتاحت المدينة، توقفت إمدادات الغلال والحبوب وامتنعت اﻷمم المتحدة عن إيصال ما تعهدت به للعاصمة المنكوبة، بعدما أدرك مسؤولوها أن ما يرسلونه يقع ببساطة في قبضة قادة الميليشيات، الذين استولوا في عتو وتجبّر على شون القمح، وسيطروا على مخازن الدقيق الهائلة في الريف، وتلك الواقعة على تخوم الطرق الدائرية، التي كانت تحوي كميات وفيرة من القمح والدقيق والسكر، والشاي والبقوليات، فضاعت كلها.

الشوارع أغلب الأوقات مظلمة، ما لم تضئها الحرائق، أو قاذفات لهب المتقاتلين، مجاري تغرق المنعطفات، والحفر المستطيلة التي خلّفتها العربات المفخخة تحوّلت إلى برك آسنة. مواسير مياه الشرب لا تحوي قطرة، العطش يضرب العروق، الجفاف يعمّ، وأهل المدينة يشربون بولهم إذا بالوا، ورؤسائي يزعجون أنفسهم وسط هذه اﻷحداث المتلاحقة بقصة حب! يا لي من بائس يعمل تحت إمرة تافهين!

تعلّمت انتظار المطر، وتحويش أوراق الشجر، وطحنه ومزجه بماء المطر، وشربه كأنه حساء شهي. وحتى هذا الطبق نادر، فالمناخ قاري، والمطر شحيح، ﻷن البلاد يحدها من الشرق جبال شاهقة لم يسجل أي من الرحّالة عبوره لها، أما من الغرب والجنوب، فتحاصرها صحاري قاحلة، عجز الفارون عن قطعها، فابتلعتهم رمالها المتحركة، ولا مدينة أخرى في تلك البلاد مثل عاصمتها، باقي مدنها إما قرى تطوّرت إلى مراكز فقيرة من العمران، والخدمات، أو ظلت كما هي تجمّعات صغيرة متناثرة تحت لفح الشمس، وفقر الموارد، يعيش أهلها فقط على زراعة أرضهم من النهر الذي لم يزل يجري باستماتة مقاتل يحاول جولة عقب جولة الانتصار على مارد غير مرئي.

منذ شهور يضربني التيه، ضائع كورقة شجر تتلقفها الريح وتحملها وتهوي بها في أي موضع كما تشاء، بعد أن تركت منزل شاهيناز، وهذا هو اسم المرأة المعمّرة، التي بلغت شهرتها رؤسائي، ودعوني للتعرّف إليها. لم تزل شابة فتية الجسد، على الرغم مما تحمله على كتفيها من قرن ونيف. كنت قد اتصلت بها منذ وصولي، وأقمت عندها طيلة فترة الحرب. سمحت لي باﻹقامة بعدما أغرتها فكرة انتشار صيتها خارج حدود بلدها، وعاينت بنفسي كيف امتلأت روحها بالكراهية تجاه ياسمين، الشابة الفاتنة الشقراء المثيرة، وكيف أبلغت السلطات عنها، وعن زوجها ذهني. كانوا جميعاً أبطال حكايتي، وتقريري لرؤسائي، الذين ظنوا أن الحب سينقذ رجال البلد من عقمهم، فإذا بالحكاية تنحو نحواً آخر.

ولكنني مع ذلك كنت آمل في النهاية السعيدة، لذلك لم أغادر بلد المحيط، حتى مع زيادة المخاطر المحدقة بي: أجنبي، ويدوّن مئات الصفحات، ويختبئ في منزل سيدة عجوز، ويشرب من مياه المطر، ويعمل في بناء المتاريس الحجرية، لا ريب أنه جاسوس، هكذا سيظنون! لحسن الحظ لم تسلّمني شاهيناز كما فعلت مع ياسمين وذهني، لم تبلّغ عني. اعتبرتني أنيس وحدتها، ومدوّن سيرتها العجيبة، أما أنا فاطمأننت إلى حياتي وسط البلد الذي شوّهه الحرب، وبتُّ أحلم أن أرى نهضتها، وبينما أدخن بعمق آخر نفسين من تلك السيجارة التي أشعلتها منذ شهر، كنت أحلم بسيناريو هانئ، مغاير لما يجري حولي من بشاعات.

عقب وصولي، شممت كثيراً رائحة البارود في الجو، قالوا لي ثمة حريق بعيد عن الفندق الذي نزلت فيه أولاً، وطمأنني أكثر من عامل، أما الذي حمل حقائبي، فابتسم ساخراً مني، وودّعني دون أن يعبأ بالبقشيش الذي مددته له. سمعت صوت فرقعة هنا، وهناك. صحف المدينة التي كانت تصدر منتظمة منذ ثلاث سنوات، كانت تتحدّث وقتها عن وقائع تدافع في التجمّعات التجارية الكبرى من أجل زجاجة زيت في مواسم التخفيضات، أو كيلو أرز في ساعة "الأوفرز"، وكانت أغلب هذه الصحف، تضع صوراً ملوّنة لقائد البلاد، بنظرة عينيه البراقتين، اللتين تحملان تهديداً وتشفي، يمزجهما بقدرة عجيبة مع بسمة صفراء واسعة يحاول بها أن يكتم مخاوفه من أي اضطرابات أو قلاقل قد تطيح به.

لاحظت دوماً أن الصحف تبالغ في نشر صوره، بصرف النظر عما يفعله، وكانوا يصفونه بأنه المعلم وقاهر المحيط. لم أعبأ بما يقولونه عنه، كنت أكتفي بالابتسام ساخراً، وأكتم انطباعاتي عن الرجل، فلا شيء مأمون، وحتى شاهيناز نفسها، تكشّف لي في ما بعد أنها تحب الرجل، وتجلّه، بل وانتهزت أول فرصة لتحبط انتصار ياسمين وذهني، وتسلّمهما للسلطات. ﻻ أريد حرق الكثير من اﻷحداث التي دوّنتها في أوراقي، سأحكي بالترتيب، حكايات شاهيناز، وياسمين، وغيرهم ممن تعرّفت عليهم في تلك البلد، وسأحكي أيضاً عمن شاركوا في طمس الحقائق التي كتبتها، ومنهم برلمانيون، وسياسيون محنّكون، ومذيعون، ومروّجون لنظريات المؤامرة، ودجّالون، ووزراء سابقون، وحاليون، ورجال دين، وملحدون، وثوريون متقاعدون، وإعلاميون، وصحفيون.

كل حرب ستجد من يبررها، ويدافع عنها، ويسميها اﻻسم اللائق بها، الذي يعبّر عن حقيقتها. أسميتها أنا "حرب الولادة"، أما النسوة، بطلات هذه الحرب، فأسموها "اﻷبيض المنتهي"، بينما روّج قائد بلد المحيط لمسمى "الحرب على الفوضى"، ووصف نساء بلده باﻻنفصاليات، ﻷنهن قدن ضده حرب شوارع حاولن بها إسقاطه.

أفتخر أنني دوّنت ما حدث أولاً بأول، وإن كنت حتى اﻵن لا أدري كيف سأخرج بما كتبت من صفحات، ودفاتر تمتلئ بسطور ﻻ نهائية عما جرى.

ينتابني الجنون كلما شعرت أنني لن أفر إلا بنفسي، تاركاً سطوري ورائي، لذا أعيد قراءتها عليكم اليوم، وسأبدأ حكايتها كما بدأت منذ ثلاث سنوات، بشاهيناز، العجوز النبية.

صدرت عن دار سرد وممدوح عدوان في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020
قبل انتشار وباء كورونا 

Comments