محمود عبد الشكور يكتب عن خنادق العذراوات
بطل
الرواية مراد تنويعة عصرية على شخصية محجوب عبد الدايم، هو لايفلسف سقوطه وصعوده
المخزى، ولكن يؤرخ له، ليس الفقر فقط، ولا استعداد الشخصية وحده هما سبب السقوط،
ولكن مراد دخل كلية الآداب قسم التاريخ فى عام 1997، وصل الى القاهرة ليجد مزادا
مفتوحا للبيع، كل شئ للبيع: من أجساد البنات الى مصنع البيرة الشهير فى بين
السرايات، الذى اكتمل 100 عام على إنشائه فى تلك السنة، نادية تنويعة أخرى على
إحسان شحاته، طفلة مع أم تعرضها للبيع علنا، ثم تبيعها كزوجة، تتحول نادية الى
سيدة أعمال تشترى كل شئ، طالب التاريخ يجد نفسه أمام تاريخ آخر يصنع أمامه، تجارة
المخدرات تتطور الى تهريب الخمور من المصنع، ثم بيع المصنع مرتين بأبخس الأثمان،
وأخيرا تحويل خنادقه الأسطورية الى أكبر سوق للنخاسة، يكتشف مراد أن قمة المجتمع
هو قاعه، وأن رجال الخندق هم رجال الثروة، وأن أستاذه فى التاريخ ، د رمضان، قد
لجأ أيضا الى غيبوية المخدر، انمحى الخيط الرفيع بين الرسمى والشعبى، أكذوبة
التأريخ تتحول الى أكذوبة المؤرخ والأستاذ: يحصل مراد على شهاداته، ودرجاته
العلمية بمساعدة وغش أستاذه المتورط، وبجهد زوجته الثرية وفاء.
فى
رواية "نساء الكرنتينا" لنائل الطوخى رحلة مماثلة الى قاع المدينة
المظلم، بل والى مستقبلها الفوضوى، بالإضافة الى سخرية لافتة من التاريخ المكتوب،
وفى "خنادق العذروات" صورة كابوسية لوطن يباع بكل ما فيه، وفى عز
النهار، فى الصفحات الأخيرة فقط يمكن أن تجد إشارة الى ثوار يناير الذين استخدموا
أنفاق العار للوصول الى ميدان التحرير، ولكنها مجرد حدوتة على لسان
"ديلر" جديد، وهو يقود د مراد، أستاذ التاريخ الحالى، شاهد العار
والمشارك فيه، لزيارة نادية، ملكة المصنع والجسد، التى مازالت تعيش بيننا، بعد
الثورة، فى "مصر الجديد.
" محمود عبد الشكور-ناقد أدبي ونائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر"
Comments
Post a Comment